أطفال مقدسيون يفقدون عيونهم بسبب الرصاص “الإسفنجي”

رام الله 28 نيسان 2015 – يحاول الطفل زكريا جولاني (13 عاما) من مخيم شعفاط بالقدس، التأقلم مع وضعه الصحي الجديد بعد أن فقد عينه اليسرى جراء إصابته بعيار “اسفنجي” أسود اللون، أطلقه عليه شرطي إسرائيلي في الحادي والثلاثين من شهر آذار الماضي.

وجولاني هو أول طفل يفقد عينه هذا العام نتيجة استخدام الأعيرة “الاسفنجية” وثاني طفل منذ العام الماضي بعد الطفل صالح محمود (11 عاما) من العيسوية، في حين نجت العين اليمنى للطفل محمد عبيد (5 سنوات) من العيسوية الذي خرج بإصابة بالغة جرى على إثرها زراعة “بلاتين” في وجهه مكان العظم المهشم.

وأصيب جولاني بعيار “اسفنجي” أسود، وهو يعتبر أصلب وأخطر من مثيله “الأزرق” الذي بدأت شرطة الاحتلال في القدس باستخدامه في السنة الأخيرة.

وحسب تحقيق أجرته صحيفة “هآرتس” العبرية، فإن شرطة الاحتلال في القدس بدأت في السنة الأخيرة باستخدام الرصاص “الاسفنجي” الأسود الذي يحمل الرقم “4557”، وهذه الرصاصة تعتبر أثقل وأخطر مقارنة بالرصاصة الزرقاء التي كان يستخدمها الجيش الاسرائيلي في السابق، كما بين التحقيق أن إجراءات استخدام هذا النوع من الرصاص والتعليمات بشأن استخدامها، وضعها جيش الاحتلال بعد شهور من بدء استخدامها.

وقال الطفل جولاني، في إفادته للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، إنه أثناء عودته من مدرسته الكائنة في مخيم شعفاط إلى منزل عائلته في المخيم، فوجئ بعدد كبير من جنود الاحتلال الإسرائيلي يعتلون أسطح منازل في المنطقة بهدف مراقبة الأعمال التي تجري في جدار الفصل العنصري، وكانوا يطلقون الرصاص “الاسفنجي” صوب أي شخص موجود في المنطقة، مؤكدا عدم وجود مواجهات من أي نوع وقتها.

وأضاف: “شعرت بشيء صدم بقوة بعيني اليسرى وصار الدم ينزف بكثرة منها، فأنا أدركت إني تصاوبت ومن ثم سقطت أرضا، كنت أشعر بخوف كثير وكنت أبكي، كذلك كنت أشعر بألم كبير في عيني، ولم أكن أرى فيها شيئا، وكان عندي خوف من أنني لن أستطيع أن أرى فيها مجددا”.

خضع جولاني لعملية جراحية استمرت لساعتين أزيلت خلالها بقايا عينه اليسرى التي تضررت بشكل كبير جدا، بناء على صور الأشعة والفحوصات الكاملة التي أجريت له قبل العملية وأكدت أنه فقد النظر فيها بشكل كامل، وتم زراعة عين “زجاجية” تجميلية له في مركز متخصص بعد مرور حوالي 15 يوما على إصابته.

وقال إنه أصبح يشعر بالعصبية بعد إصابته، وأنه يخشى الخروج من المنزل لشعوره بالحرج بعد تركيبه العين الصناعية، وخوفا كذلك من احتمال تلوثها وما قد ينتج عن ذلك من مضاعفات.

وقال جولاني: “في مرات كثيرة أقف أمام المرآة وأغطي عيني اليمنى التي أرى فيها، وأحاول أن أرى في عيني الصناعية لكن لا يظهر أي شيء، أتمنى لو أرى فيها ولو بشكل طفيف، لكنني أعرف أنني لن أرى فيها مرة ثانية مطلقا، فهي صناعية ركبت للتجميل فقط”.

ويتمنى أن يعود للعب مع أصدقائه من جديد وأن يعود لمدرسته كما كان سابقا، “أتمنى لو أنني لم أتعرض لهذه الإصابة، نفسي ترجع عيني”، قال الطفل جولاني.

ولم يكن حال الطفل صالح محمود بأفضل من جولاني، فقد أصيب هو الآخر بعيار “اسفنجي” أسود في الجهة اليسرى من أنفه أدى لانفجار عينه اليمنى، وتضرر عينه اليسرى بنسبة كبيرة.

وقال الطفل محمود إنه خرج من منزل عائلته في الحادي عشر من شهر تشرين الثاني عام 2014، لشراء خضار بناء على طلب والدته، ليتفاجأ بمواجهات بين شبان وجنود الاحتلال بالقرب من المكان الذي قصده.

وأضاف أنه تفاجأ بجنديين كانا على ما يبدو ينصبان كمينا للشبان، أطلق أحدهما رصاصة “اسفنجية” صوبه لم تصبه أتبعها برصاصة ثانية من النوع نفسه أصابته في الجهة اليسرى من أنفه، من مسافة تقدر بثلاثة أمتار.

دخل الطفل في غيبوبة جراء الإصابة استمرت أربعة أيام، حسب إفادته للحركة العالمية، وأجريت له ثلاث عمليات جراحية، إحداها لترميم الكسر في جمجمته وأنفه، والأخيرة جرى فيها استئصال عينه اليمنى التي انفجرت جراء الإصابة، فيما تضررت عينه اليسرى بنسبة 85%، وفق التقارير الطبية.

ويقول الطفل أنه كان يأمل أن يصبح مهندسا أو طبيبا عندما يكبر، إلا أن إصابته هذه قضت على أحلامه.

وفي الرابع والعشرين من شهر كانون أول عام 2014، أصيب الطفل محمد عبيد (5 سنوات) برصاصة “اسفنجية” في عينه اليمنى أطلقت عليه من مسافة 40 مترا تقريبا، خلال عودته من مدرسته في قرية العيسوية.

وقالت نرمين عبيد، شقيقة الطفل، في إفادتها للحركة العالمية، إنها خرجت من منزل عائلتها ذلك اليوم لملاقاة شقيقها الذي يعود من المدرسة بواسطة الحافلة، وأن ذلك اليوم كان يشهد مواجهات بين الشبان وجنود الاحتلال في أنحاء مختلفة من العيسوية.

وأضافت: “عندما نزلت وجدت محمد قد نزل من الباص، أمسكت يده وأردت إدخاله للمنزل، وفي نفس اللحظة كان في جندي واقف على بعد 40 مترا تقريبا، ضرب علينا بشكل مباشر رصاصة مطاطية اسفنجية أصابت عين أخوي، وكان الجندي في وضعية وقوف عندما ضرب علينا الرصاصة”.

أجريت للطفل عبيد عملية جراحية استمرت 4 ساعات، تم خلالها زراعة بلاتين أسفل العين مكان العظمة التي تهشمت، ومكث في المستشفى 10 أيام.

ومن الجدير ذكره في هذا الصدد، أن الطفل المقدسي محمد سنقرط (16 عاما) استشهد في السابع من أيلول عام 2014 متأثرا بجروحه التي أصيب بها في 31/8/2014، جراء إصابته برصاصة “اسفنجية” سوداء في الجهة اليمنى من رأسه، سببت له كسرا في الجمجمة ونزيفا دماغيا، وفقا لتقارير إعلامية.

وبينت نشرة أصدرتها جمعية “حقوق المواطن” بإسرائيل، حول هذا النوع من الرصاص، أن الإجراء المتعلق باستخدام الرصاص الاسفنجي الأسود (قواعد الاشتباك) سرى مفعوله لدى الشرطة الإسرائيلية منذ 1/1/2015 حيث لم يكن ساري خلال الفترة الواقعة بين 7/2014 حتى 12/2014.

وأوضحت أن البعد الأدنى المتاح لاستخدام الرصاص الأزرق (من نوع 632) هو 5 أمتار، بينما البعد الأدنى لاستخدام الرصاص الأسود (من نوع 4557) هو 10 أمتار.

وأضافت النشرة أن هذا النوع من الرصاص يمنع استخدامه في حالات عديدة، منها: صوب كبار السن، والأولاد، والنساء الحوامل؛ في حين يسمح استخدامه صوب متظاهر واحد فقط وبعد أن يتم التأكد من هويته بواسطة الشرطي حامل السلاح، ويجب توجيه السلاح نحو القسم الأسفل من الجسد وما إلى ذلك.

وأشارت جمعية “حقوق المواطن” إلى أن الإفادات التي جمعتها تؤكد، بالحد الأدنى، عدم اتباع “القوات الميدانية” لهذه التعليمات.

قد يعجبك أيضاً

“الخامس من نيسان”… ليكن يوم الطفل الفلسطيني يوما عالميا للتضامن مع أطفال فلسطين

رصاص الاحتلال يُصيب الطفلين سويدان وشراب بالشلل

أطفال يجلسون داخل مركبة محملة بأشياء مؤمنة بحبل بينما يفر الناس من رفح في جنوب قطاع غزة في 13 شباط/ فبراير 2024 تصوير محمد عابد/ وكالة فرانس برس

الاحتلال ما زال يعتبر الأطفال هدفا رئيسا في حربه على الشعب الفلسطيني

ابراهيم حشاش

طوال ثلاث دقائق…كلب للاحتلال ينهش جسد ابن ثلاث سنوات في مخيم بلاطة